المدرسة بين الحقيقة والواقع مازال الوعي التربوي العام السائد في بلادنا اسير الرؤية التقليدية السحرية الى المدرسة بوصفها المكان الني يتفتق بعطاء المعرفة ويتضوع بأريج العلم ويعبق بمعاني الحكمة وينهض بأسرار الجمال ويقدح بأنوار الحقيقة في تدفق ضوئي غامر يتعانق فيه سمو المعاني بالق الدلالات .
ومما لا شك فيه ان هذه الصورة الجميلة عن المدرسة قد تشكلت وتبلورت عندما كانت المدرسة عبر تاريخها الطويل عنوان عطاء انساني حر ينهض بالإنسان الى مراتب الحق والخير والجمال وعندما كان روادها يشكلون طليعة من رسل الحق والمعرفة والجمال أي في الزمن الذي كانت فيه المعرفة التي تبثها المدرسة تعبق بطابعها الإنساني والأخلاقي على تشكيل العقول وبناء النفوس على مقاييس السمو الأخلاقي والإنساني تجسيدا لقيم المعرفة والحق والعدل والخير والغنى والجمال .
المدرسة بين الحقيقة والواقع
لقد تأصلت هذه الصورة الجميلة عن المدرسة في الوعي العام وارتسمت في الوجدان تحت مطارق الشعارات والكلمات التي تعلمناها منذ الصغر حول المدرسة والمعلم والرسالة التربوية وقيمة العلم وعظمة المعلم وقدسية المعرفة وقداسة العقل وهي المفاهيم التي رسخت في العقل الباطن وبقيت أصيلة في الوجدان العام دون تغيير أو تعديل يذكر على مر الأيام والازمان .
ولكن الصورة الجميلة للمدرسة ليست على جمالها اليوم بل فقدت كثيرا من بريقها فالمدرسة تحت معاول التغيير ومطارق التحول لم تستطع ان تحافظ على صورتها الجميلة حيث فقد المعلم الق الصورة التي رسمت له في الماضي له في الماضي الذي تأثر دوره بتقلبات الحياة والقوانين التي حدت من صلاحياته كمربي .
فمدرسة اليوم تحتضر على مذابح التقدم المادي وتذهب ضحية الشهوات الزاحفة نحو المال والربح والقوة والسطوة والسيطرة حيث تقدم رسالتها الإنسانية قربانا في موسم انتصار العولمة الجارفة الزاحفة التي لا تبقي ولا تذر ومم لاشك فيه اننا امام صورتين للحقيقة المدرسية صورة إنسانية تطفو على السطح وصورة أخرى حقيقته تستقر في الأعماق .
وهكذا تبدو المدرسة بالصورة الإنسانية التي تطفو على السطح جميلة صافية نقية وان الوعي العام التربوي فيه الكثير من الرضا والاحساس بالنشوة الوطنية عتى ايقاعات التقارير الوطنية للتعليم في بلادنا المتخمة بالمؤشرات الإحصائية عن إنجازات السياسات التربوية الكبرى في ميدان التربية والتعليم من حيث النمو المتسارع في عدد المدارس واقتحام معاقل التسرب واختراق جدران محو الامية واتساع الجامعات وتنوعها وارتفاع عدد الخريجين وازدياد حجم المخصصات للتعليم من الدخل القومي .
وغالبا ما تتجلى هذه التقارير التربوية في صورة خطب سياسية تبتهج وتبهج شعوبها و تفاخر بعدد الإنجازات التربوية التي تحققت كالزيادة في عدد الطلاب والجامعات والمدارس والفصول ومن ثم هذه الخطب تذكرنا دائما بالخطوات الكبيرة المتحققة في ميادين التربية والتعليم تحقيقا لا الزامية التعليم و مجانيته و شموليته و ديموقراطيته و نسب الانفاق عليه.
شاهد ايضاً ما المقصود بالتأهيل المهني .
السياق الاقتصادي الجديد للمدرسة
تشهد الحياة الاقتصادية الجديدة في المجتمعات تطورات خاطفة وصاعقة في مختلف تجلياتها الإنسانية ويمكننا ان نميز نس
من السمات الأساسية التي تسم الأوضاع الاقتصادية :
السمة الأولى
ارتباط الاقتصاد بالتقدم التكنولوجي يرتبط الاقتصاد الجديد اليوم ارتباطا حيويا بالتقدم التقني والابداع التكنولوجي حيث تتراكم المعلومات والمعارف التي تؤدي بدورها التقني والابداع التكنولوجي حيث تتراكم المعلومات والمعارف التي تؤدي بدورها الى تسارع في ايقاعات التطور التكنولوجي ويلاحظ في هذا السياق تنامي حدة التنافس الاقتصادي. الذي يحرض عملية التسارع وزيادة النمو في معدلات الاستهلاك والإنتاج في مجال الحياة الاقتصادية عبر دورات متسارعة للسوق العالمية المتنامية ويضاف الى ذلك كله ان المناخ الاقتصادي الصناعي و التكنولوجي قد تحول الى مناخ غير مستقر وسديمي بصورة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الحياة الاقتصادية حيث تقلصت القدرة على التنبؤ الى حدودها الدنيا
شاهد ايضاً الزمن الحاضر البسيط بأفضل طريقة 2024.
السمة الثانية
عدم استقرار سوق العمل حيث يتسم السوق بطابع التغير السريع وعدم الاستقرار في معدلات التوظيف فالعمال والموظفون يجدون انفسهم مكرهين على تغيير وظائفهم ومراكزهم الوظيفية باستمرار حيث تتغير طبيعة العمل. وماهيته فمن جهة هناك تنامي كبير في عدد المتخصصين في المعلوماتية والمهندسين والمتخصصين في الصيانة وإدارة شبكات الكمبيوتر وهذا هو الجانب الأكثر تطورا في سوق العمل ومن جهة ثانية هناك تنام كبير في الوظائف الثانوية التي لاتحتاج الى أي تاهيل ففي احدى الدراسات التي أجرتها وزارة شؤون الموظفين في الولايات المتحدة تبين ان اكثر الوظائف أهمية. من حيث العدد كانت وظائف المدى القصير المتعلقة بالتدريب المهني وتلي هذه الفئة وظائف البائعين والحراس والمساعدين الطبيين وموزعي المواد الغذائية فسوق العمل هنا لا يتطلب كما يبدو تأهيلا عاليا يتعلق بهذه الوظائف بل يتطلب اتساعا في الطلب عليها كميا .
شاهد ايضاً أسهل طريقة لحفظ جدول الضرب للأطفال 2023.
السمة الثالثة
في بعض الدول تتمثل في تخلي الدولة عن القيام بالخدمات العامة فالقوى الاقتصادية تضغط على الدولة من اجل تقليص الضرائب وهكذا فان القطاع الاقتصادي يشهد حالة من التغاير وعدم الاستقرار وعدم القدرة على التنبؤ وازدواجية التأهيل المهني. و عليه فإن من الطبيعي ان تتأثر المدرسة بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية القائمة فالأزمات الاقتصادية المتعاقبة والتحولات المتواترة تنعكس مباشرة على وظيفة المؤسسات التربوية والتعليمية فهناك اكثر من نصف الوظائف التي لا تحتاج الى تأهيل عال وهذا الوضع يعني انه ليس مجديا اقتصاديا ان تقوم المؤسسات التعليمية . بتكثيف التعليم وتقديم تعليم عال للجميع وهذا يعني السياسات التربوية بدأت تتجه الى تقليص نفقات التعليم وهذا يؤدي في الغالب الى تقليص نوعيته والسؤال هنا كيف يمكن ان نحقق المواءمة بين نظام التعليم والتأهيل وبين اقتصاد سديمي غير مستقر والجواب هو ان النقص على هذه الفوضى يتطلب منا التكيف مع هذه الوضعية والكلمة المفتاح لهذه الوضعية .
التوازن بين المؤسسات التعليمية والمؤسسات الاقتصادية هي المرونة من خلال التعليم والتدريب مدى الحياة كما اقترحته منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
شاهد ايضاً كيفية حساب فرق جهد المقاومة في الدائرة أو الدارة الكهربائية 2023
